كنت أسأل مجموعة من طلاب الابتدائي يهمون بالدخول إلى مدرستهم: لماذا تدرسون؟ لم يجيبوا في الغالب ومن أجاب منهم، فمنافسة لإخوته وأبناء عمومته حسبما فهمت، أو لأن إخوته وأخواته كلهم يذهبون للمدرسة ولا يبقى في البيت أحد منهم، أما البعض فيدرس لكي يحصل على هدية الـ«ماما» أو الـ«بابا». لست متأكدا مما إذا كانت وزارة التربية والتعليم في أهدافها تختلف عن أهداف تلاميذها. إنها وزارة مثقلة بالتركة التي خلفتها «حضارات» إدارية وتربوية سادت ثم بادت ثم عادت. كل «حضارة» إدارية وتربوية تمر على وزارة التربية والتعليم أو من خلالها، تترك كهفا إداريا أو مغارة تنظيمية، قد لا يصلها الماء، لكنها هي تصل الماء وتستنشق الهواء.
كنت أتابع المؤتمر الصحفي لوزير التربية والتعليم، وهو يتحدث عن مجالات ومسارات صرف المبالغ الاستثنائية الإضافية (أكثر من 80 مليار ريال) التي تم تعزيز ميزانية الوزارة بها للتغلب على الصعوبات التي تواجهها، وقد كانت تشعبات ومسارات متعددة وكثيرة.
نتفاءل بمجيء تجربة إدارية بتجربة الأمير خالد الفيصل، إلى هذه الوزارة، لكن مشكلة وزارة التربية والتعليم، ليس أن تبدأ المشروع وإنما كيف تنهي المشروع.. لا أعرف مشروعا واحدا في وزارة التربية والتعليم تم إنهاؤه أو الانتهاء منه. هل هناك مثال أوضح من المدارس النموذجية التي لها ما يقارب العشرين سنة فلم تعمم أو تقفل؟ هل هناك مدارس نموذجية يمكن أن تعمر كل هذه السنوات لولا أن هناك مصالح شخصية بدأت معها، ولا يراد لها أن تتوقف؟ فمن المعروف أن المدارس النموذجية في الأساس هي أسلوب تربوي يتم تنفيذه على سبيل التجربة لمدة زمنية معينة، فيثبت خلالها نجاحه فيعمم، أو يثبت فشله فيقفل.
فلماذا يا ترى تستمر المدارس النموذجية كل هذه السنوات حتى أن جينات المصالح تتجدد وأحيانا تحدث طفرة جينية للمصالح حسب ميزانية الوزارة، والنافذين والمتنفذين و«العاملين عليها» و«المؤلفة قلوبهم».
هل يمكن أن نتخيل أن جميع التجارب النموذجية التي نفذتها وزارة التربية والتعليم لا تزال تعمل دون تغيير، وهي حسب علمي المدارس النموذجية، والمدارس الجاذبة والمدارس الرائدة ونظام المقررات وأخيرا، النظام الفصلي؟.
نعم.. يحتاج قطاع التربية والتعليم إلى دعم مادي، للتطوير والتحديث والتوسع، لكن ما يحتاجه قطاع التربية والتعليم أكثر وأكبر، إنه يحتاج إلى التفكيك قطعة قطعة وجزءا جزءا وإدارة إدارة وتقطيع أوصال المصالح خاصة في الإدارة الوسطى لهذه الوزارة وما فوق الإدارة الوسطى، وليس هناك من سبيل أفضل من وضع خطة لاستبدال العاملين فيها والطاقم المساعد في الإدارة العليا وقيادات الفروع في هذه الوزارة بنظرائهم في وزارة أخرى بعد التنسيق معها. عندها فقط سيتم تجفيف مشاريع المصالح النموذجية وغيرها من المشروعات التي لم تهدر المال فحسب، لكنها شتتت أهداف التربية والتعليم، بسبب مصالح مجموعاتها التي تتوالد وتتكاثر بالعشرات والمئات والآلاف مع كل سنة مالية جديدة. فاختلطت أهداف التعليم والتربية بأهداف مصالح تلك المجموعات التي تعمل في كهوف إدارية ومغارات تنظيمية لم يصلها التغيير، ولا يمكن أن يطالها التغيير، ما لم يتم اقتلاع كهوف المصالح.
عندها فقط يكون التعليم «حلا وليس مشكلة» كما كنت تتمنى يا سمو الوزير، فالمال يقدم الحلول، ولكن لا يمكن أن يكون المال وحده حلا لمشكلاتنا ومشكلات مؤسساتنا.
* مستشار إعلامي
كنت أتابع المؤتمر الصحفي لوزير التربية والتعليم، وهو يتحدث عن مجالات ومسارات صرف المبالغ الاستثنائية الإضافية (أكثر من 80 مليار ريال) التي تم تعزيز ميزانية الوزارة بها للتغلب على الصعوبات التي تواجهها، وقد كانت تشعبات ومسارات متعددة وكثيرة.
نتفاءل بمجيء تجربة إدارية بتجربة الأمير خالد الفيصل، إلى هذه الوزارة، لكن مشكلة وزارة التربية والتعليم، ليس أن تبدأ المشروع وإنما كيف تنهي المشروع.. لا أعرف مشروعا واحدا في وزارة التربية والتعليم تم إنهاؤه أو الانتهاء منه. هل هناك مثال أوضح من المدارس النموذجية التي لها ما يقارب العشرين سنة فلم تعمم أو تقفل؟ هل هناك مدارس نموذجية يمكن أن تعمر كل هذه السنوات لولا أن هناك مصالح شخصية بدأت معها، ولا يراد لها أن تتوقف؟ فمن المعروف أن المدارس النموذجية في الأساس هي أسلوب تربوي يتم تنفيذه على سبيل التجربة لمدة زمنية معينة، فيثبت خلالها نجاحه فيعمم، أو يثبت فشله فيقفل.
فلماذا يا ترى تستمر المدارس النموذجية كل هذه السنوات حتى أن جينات المصالح تتجدد وأحيانا تحدث طفرة جينية للمصالح حسب ميزانية الوزارة، والنافذين والمتنفذين و«العاملين عليها» و«المؤلفة قلوبهم».
هل يمكن أن نتخيل أن جميع التجارب النموذجية التي نفذتها وزارة التربية والتعليم لا تزال تعمل دون تغيير، وهي حسب علمي المدارس النموذجية، والمدارس الجاذبة والمدارس الرائدة ونظام المقررات وأخيرا، النظام الفصلي؟.
نعم.. يحتاج قطاع التربية والتعليم إلى دعم مادي، للتطوير والتحديث والتوسع، لكن ما يحتاجه قطاع التربية والتعليم أكثر وأكبر، إنه يحتاج إلى التفكيك قطعة قطعة وجزءا جزءا وإدارة إدارة وتقطيع أوصال المصالح خاصة في الإدارة الوسطى لهذه الوزارة وما فوق الإدارة الوسطى، وليس هناك من سبيل أفضل من وضع خطة لاستبدال العاملين فيها والطاقم المساعد في الإدارة العليا وقيادات الفروع في هذه الوزارة بنظرائهم في وزارة أخرى بعد التنسيق معها. عندها فقط سيتم تجفيف مشاريع المصالح النموذجية وغيرها من المشروعات التي لم تهدر المال فحسب، لكنها شتتت أهداف التربية والتعليم، بسبب مصالح مجموعاتها التي تتوالد وتتكاثر بالعشرات والمئات والآلاف مع كل سنة مالية جديدة. فاختلطت أهداف التعليم والتربية بأهداف مصالح تلك المجموعات التي تعمل في كهوف إدارية ومغارات تنظيمية لم يصلها التغيير، ولا يمكن أن يطالها التغيير، ما لم يتم اقتلاع كهوف المصالح.
عندها فقط يكون التعليم «حلا وليس مشكلة» كما كنت تتمنى يا سمو الوزير، فالمال يقدم الحلول، ولكن لا يمكن أن يكون المال وحده حلا لمشكلاتنا ومشكلات مؤسساتنا.
* مستشار إعلامي